تأخرت مصر كثيرا في مجال وضع حد أدني جديد للأجور... أقول جديد لأن هناك بالفعل حد أدني هو 35 جنيها في الشهر
وكان ذلك بموجب قانون صدر في ثمانيات القرن الماضي, ومنذ صدور هذا القانون لم تلتفت الحكومات المصرية المتعاقية
الي تعديل هذا القانون ليتناسب مع ما طرأ علي السلع والخدمات من ارتفاعات جنونية حتي صارت الأسعار تزيد عن
معدلات الأسعار في أمريكا وأنا شاهد علي الأسعار هناك لأني عشت عشرين عاما لم تزد أسعار السلع والخدمات هناك الا
بالقدر اليسير وذلك فيما يتعلق بأسعار السلع غير الأساسية أما تلك الأساسية واعني بها الخبز واللبن والبيض واللحم
والدواجن والخضار والفاكهة وحتي لو فرض ان هناك زيادة في الأسعار بشكل عام فإنه يواكبها زيادة في الدخول ويكفي
أن المواطن الأمريكي هناك يصرف راتبه اسبوعيا وليس شهريا كما هو معمول به عندنا ... نترك هذه الإشارة الضرورية
ونعود الي تحديد حد أدني يتناسب مع مقتضيات الحياة في حدها الأدني .. البعض يري مبلغ 450 جنيها مناسبا أي
خمسة عشرة جنيها يوميا .. فبالله عليكم ماذا تفعل خمسة عشرة جنيها حتي ولو لفرد واحد .. أتكفي لمواصلات معقولة
ذهابا وإيابا لجهة العمل مع فنجان قهوة وجريدة صباحية .. أذا سألت أنا هذا السؤال سيكون جوابي نعم تكفي ولا حاجة
لهذا الإنسان واركز علي الإنسان لا حاجة إليه في مأكل او مشرب او ملبس او مأوي يأويه او علاج يداويه , بهذا الحد
الأدني يكون هذا الإنسان قد عمل مجانا وهذا منطقيا لأنه سينفق أجره علي مواصلات تذهب به الي عمله والعودة منه
وفنجان قهوة ينشط ذاكرته ليستطيع العمل ... العمل المجاني .
والبعض الآخر يحدد 1200 جنيها حد أدني شهريا ويفترضون أن هذا الحد يكفي لأربعة اشخاص تضمهم عائلة صاحب
هذا الأجر يعني هذا الأجر ليس لفرده ولكن هو جزء من اسرة عددها اربعة اشخاص بعتبار ان لكل شخص 300 جنيه
شهري يعني قرابة 55 دولارا ..وليسمح لي القاريء الكريم أن أقص عليه ما عرفته وشاهدته في ولاية نيويورك
بالولايات المتحدة الأمريكية ... كنت أعرف مواطنة أمريكية بسيطة كان لديها كلب صغير وكانت تذهب به الي كوافير
الكلاب ليقوم بعمل حمام وتمشيط شعره ووضع فيونكة علي عنقة وذلك نظير مبلغ 35 دولارا وكانت الي جانب ذلك تتكلف
اجر تاكسي او مايسمي كارسرفيس مبلغ عشرين دولارا ذهابا وإيابا وتذهب بهذا الكلب الباشا مرتين شهريا وبلغة
الحساب كان هذا الكلب يتكلف 115 دولارا شهريا وذلك بخلاف تغذيته وعلاجه .. وأي لوازم أخري أعتقد في هذه القصة
الكفاية ولكن تبقي كلمة أخيرة هي أن الجدل يدور وسيظل يدور وفي النهاية ستكون النتيجة واحدة من أثنتين أولهما لا
تعديل ويبقي الوضع علي ما هوعليه وعلي المواطن أن يلجأ الي ربه بالدعاء والثانية تعديل طفيف لا يسمن ولا يغني من