مبارك من أبواب التاريخ إلي أبواب السجن
من المستغرب أن نري أفراد أسرة مبارك كلهم لصوص .. كان من الممكن أن نري فرد ا واحدا من أسرته يغرد خارج السرب ويعزف معزوفة الشرف ولكن للأسفنجدهم كلهم لصوص .. يحضرني هنا مشهد من فيلم العار .. كان أبطال الفيلم عبد البديع العربي تاجر مخدرات وكان له ثلاثة أبناء أبن وكيل نيابة وأبن دكتور والثالث كان ساعد أبيه الأيمن في تجارة المخدرات .. أذكر هذا المشهد علي إعتبار أنه كان ينبغي علي حسني الأب أن يوجه أبناءه الوجهة الصحيحة وكان في مقدوره أيضا أن يجعلهم يستكملون دراستهم حتي درجة الدكتوراه ومن ثم أساتذه جماعات مرموقين ويمضي هو في طريق السلب والنهب كما يحلو له بعيدا عن أبنائه بل وبعيدا عن زوجته أيضا .. والغريب أن هذه الأسرةكانت تستطيع أن تعيش في بحبوحة كبيرة من العيش الشريف وكان دخل الأسرة من راتب مبارك الأب كبيرا لأنه يشغل أرقي وأرفع منصب في الدولة ألا وهو رئيس الجمهورية ولم يكن في حاجة إلي السرقة والمال الحرام .. ومن المستغرب أيضا كيف لهذا الرجل أن يضحي بتاريخه العسكري والسياسي بهذا الشكل وفي سياق آخر كان مبارك الأب في منتهي الغباء ودلالة ذلك هو إستعذابه كرسي السلطة سنين عددا ولم يدرأن العالم يتطور ونظم الحكم الديكتاتوري تتلاشي .. أنها سنة الحياة .. إن طول فترة الحكم يجعل وجه الحاكم باهتا ولم يعد كما رأوه أول مرة إن سنة التغيير هي من سنن الحياة .. فولسون تشرشل كسب الحرب لبريطانيا ضد الرايخ الألماني ومع ذلك أسقطه الشعب في أول إنتخابات تجري بعد شهور قليلة من إنتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 .. وأراد الشعب تنصيبه مرة أخري فأنجحه في إنتخابات 1951.. والرجل كان مدرك حتمية التغيير فاستقال عام 1955 في عيد ميلاده الثمانين .. إن الحاكم الذي لا يقرأ التاريخ دائما ما يقع في أكبر الأخطاء .. أعطيكم مثال علي ذلك .. أدولف هتلر لم يتعظ بما صار لنابليون بونابرت من قبله عندما هاجم نابليون روسيا فانهزم وقتل معظم جيشه من البرد القارس في سيبريا .. نفس الشيء فعله هتلر ولم يستمع إلي مستشاريه بعدم الإقدام علي مهاجمة روسيا فصمم فلقي هزيمة نكراء كانت سببا في إنهيار الرايخ الألماني وتقسيم ألمانيا عام 1945 وأنتهي أمر هتلر بإنتحاره .. إن للتاريخ فلسفه ومبارك لم يقرأ التاريخ وظن أن المنصب باق إن لم يكن له فباقي لأبنه جمال وعليه كان أفراد الأسرة ينهبون ويسرقون وهم مطمأنون وكان مبارك في هذا الصدد يحذوحذو حافظ الأسد الذي مهد الطريق لإبنه بشار لتولي المنصب بعد موته .. كان حافظ الأسد هو القدوة لمبارك لينفذ مخططا قذرا حينما عدل الدستور في شأن الشروط التي يجب توافرها لمن يترشح لرئاسة الجمهورية وقام تلاميذ مدرسة فتحي سرور الثانوية المشتركة بتفصيل القانون علي مقاس جمال بمعلمة وإحترافية وكانوا يمكرون والله خير الماكرين . وأخيرا أقول أنه كان في إمكان حسني مبارك أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو أنه أكتفي بمدتين رئاسيتين قام خلالها بوقف العمل بقانون الطواريء وتجنب الإنتماء لأي حزب سياسي وتشكيل لجنة لإعداد دستور جديد للبلادوإجراء إنتخابات نزيهة وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات وتشجيع المستثمرين الأجانب لإقامة صناعات عملاقة تستوعب العاطلين من شباب مصروتقوم بالتصدير لزيادة حصيلة مصر من العملات الأجنبية وتحسين سعر صرف الجنيه المصري وكان عليه النهوض بمستوي التعليم والصحة والسياحة والأمن وجعله لخدمة وأمن المواطنين لا لخدمته وأمنه هو .. لو أنه فعل ذلك ما كان هناك داع لهذه الجحافل من الأمن المركزي التي تكلف خزانة الدولة الكثيرلأنه وقتها لن يكون في حاجة إلي الحراسات الخاصة والتشريفات متي راح ومتي رجع لأن وقتها سيكون حارسه هو الشعب الذي يحبه ولنا في عمر بن الخطاب مثال يحتذي حين قال فيه مندوب الروم .. عدلت فامنت فنمت يا عمر.. رحم الله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .أما مبارك فعذابه في الدنيا قليل وعذابه في الآخرة كثير وكل نفس بما كسبت رهينة
كتبه الكاتب / عبد المنعم محمد عمر
المصدر: Abdelmoneim Omar
اسم السلسلة: الإفساد السياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق