شرح حديث الرسول (ص) ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس
كل مائة سنة من يجدد لها دينها )
روي الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) رواه أبو داود وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" والألباني في "السلسلة الصحيحة". . ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ( يجدد لها دينها ) أنه كلما انحرف الكثير من الناس عن جادة الدين الذي أكمله الله لعباده وأتم عليهم نعمته ورضيه لهم دينًا بعث إليهم علماء أو عالمًا بصيرًا بالإسلام ، وداعيةً رشيدًا ، يبصر الناس بكتاب الله وسنة رسوله الثابتة ، ويجنبهم البدع ، ويحذرهم محدثات الأمور ، ويردهم عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فسمى ذلك : تجديدًا بالنسبة للأمة ، لا بالنسبة للدين الذي شرعه الله وأكمله ، فإن التغير والضعف والانحراف إنما يطرأ مرة بعد مرة على الأمة ، أما الإسلام نفسه فمحفوظ بحفظ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبينة له ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).ولقد حدث انحراف في المائة الأولى لكنه كان انحرافاً جزئياً، ولو تتبعنا أحوال المسلمين في القرن الأول بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من السنة العاشرة إلى سنة أربعين للهجرة لوجدنا أن الأمة كانت تمشي على وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم في جميع مجالات الحياة، وهذه تسمى فترة الخلافة الراشدة التي انتهت في شهر ربيع الأول من سنة41هجرية حينما تنازل الحسن بن علي بالخلافة لمعاوية رضي الله عن الجميع، فانتهت الأربعين السنة بما فيها فترة الخلافة الراشدة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الخلافة الراشدة فيكم ثلاثون عاماً"، وبتولي معاوية الحكم كان أول ملوك الإسلام ، ثم من بعده بدأ الانحراف في أساليب الحكم والسياسة فبعث الله تعالى لهذه الأمة وأخرج لها في سنة 99 هجرية قبل انتهاء المائة الأولى خليفة راشدا جدد لها في أساليب الحكم والسياسة، وهو عمر بن عبد العزيز حيث أعاد الحكم شورى وولى الولاية لمن يستحقها ويقدرعليها وأعاد الأمر إلى نصابه ونشر العلم ودون السنة وألغى الضرائب وانتشر الخير في خلافته خلال سنتين أو ثلاث من عام 99 إلي عام 101هجرية حيث توفي مسموما بأيدي الغدر ومعارضي إعادة الخلافة الرشيدة علي أيد عمربن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه .. وحرصا من الخليفة العادل عمر رضي الله عنه علي الآ تصير فتنة وإقتتال بين المسلمين .. لم يشأ عمرالإدلاء بإسم قاتله رغم إلحاح وزيره في ذلك . . وفي عهد عمربن عبد العزيز إستقام القضاء وصلحت الإدارة فتحول الفقر إلى ثراء عظيم، فقد كان يأمر رحمه الله الولاة بتوزيع الصدقات على المسلمين فلا يجدون محتاجاً مع مناداتهم عليها، فيقول الناس: لا نحتاج قد أغنانا الله فترجع إلى بيت المال. هذا جانب عملي للتجديد، وهو تجديد فردي، في جزء وجانب من جوانب الدين حينما يحدث فيه نوع من الخلل والانحراف. والله أعلم .
كتبه الكاتب / عبد المنعم عمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق